السبت، 8 مايو 2010

الاحصاء والبحث العلمي....

مقدمة تاريخية

إن الدول والمجتمعات تلعب دوراً رئيساً في العملية التعليمية لأجيال المستقبل و البحث العلمي تبعاً لما وصلت إليه من احتراف وتطور فيهما والقيود التي تفرضها على الإدارات القائمة عليهما، ودفعها وتشجيعها لأجيال جديدة لتعلم العلم والتمكن منه، و البحث في ما يُهم ويستجد. و في القرن الحادي والعشرين سيتقدم العلم بحيث يجيب عن أسئلة لم تخطر بعد على البال. و خير دليل على ذلك هو التاريخ، ففي عام 1900م فكر العلماء في التقدم العلمي الذي قد يحدث في المستقبل، فعمدوا إلى الإسهام في تقدمه. فمثلا بيّن دالتون أن المادة تتكون من ذرات، وأثبت جول مبدأ حفظ الطاقة، و أكتشف مكسويل أن الكهرباء والكهرومغنطيسة تخضعان لمجموعة واحدة من المعادلات الرياضية. وفي مجال الإحصاء كان هناك الكثير من الرواد الذين ساهموا في تطور العلم والبحث العلمي، منهم (Karl Pearson) صاحب اختبار مربع كاي (-test χ2 ) و مؤسس مجلة (Biometrika). و(William Gosset "Student") صاحب العينات الصغيرة في الإحصاء. و(Ronald Fisher) الذي كان نقطة تحول في تطوير و استخدام الطرق الإحصائية، و خاصة في مجال تصميم التجارب. و(Andrei Kolomogorov) الذي أطّر الأسس الرياضية لعلم الاحتمالات. و(Neyman) الذي يعود له الفضل في استخدام فترات الثقة. و(David Blackwell) الذي أصّل طرق الاستدلال الإحصائي. ومع تطور الصناعات اليابانية انتشرت سمعة (Edwards Deming) الذي قاد تطوير طرق مراقبة الجودة. وقد ترك (John Tukey) بصمات واضحة في مجال طرق تحليل البيانات المحيرة والمعقدة. كل هؤلاء و غيرهم كثير أسهموا في التقدم العلمي الذي حدث في القرن العشرين بنظرياتهم و أبحاثهم ومؤلفاتهم العلمية.

نعم هناك الكثير من العقول التي استمتعت بجمال تلك النظريات وتطبيقاتها. ولكن كانت العقول الأكثر نفاذاً في بصيرتها هي وحدها التي لاحظت نقاط ضعف تلك النظريات و التناقضات التي تحملها، فعمدوا على تصويبها و تطويرها. وقد لاحظ عدد من العلماء ذوي البصيرة النافذة أن أسس العلم ستتزعزع لا محالة، وتطبيقاته سوف يكون لها أثر كبير على الوضع البشري. و قد صدق ظنهم والدليل على ذلك ما نراه اليوم من ثورة كبرى في المعلومات والاتصالات وأجهزة الحاسب و أساليب العلاج التي لم يكن بوسع أحد في عام 1900م أن يتصور وجودها.

الآن نحن نعيش في عصر التطور السريع في التقنية، مثل سرعة الاتصال ونقل المعلومات وظهور تقنيات حديثة في الطب والعلوم والهندسة وغيرها، مما يدعونا لتهيئة أنفسنا لتقبل تغيرات خيالية قد تطرأ على العملية التعليمية ومحاورها الأساسية في المستقبل القريب. إن التقنية في الغالب لها فوائد لا حصر لها على حياة البشر، ولكن مخاطرها كذلك لا تحصى. فعلى سبيل المثال تقنية الاتصالات والمعلومات حققت زيادة خيالية في العقد الماضي من ناحية الإنتاج والوصول إلى المستهلك. لكن الاعتماد عليها في الصحة والاقتصاد وغيرها قاد إلى مخاطر أعظم وخلق نقاط ضعف مفصلية يمكن اختراقها بكل سهولة. نحن بالأمس في عصر الإنسان الآلي، واليوم في عصر تقنية النانو - المتر يساوي بليون نانو متر-، وغدا في عصر زراعة خلايا في أدمغة البشر لتمكنهم من الاتصال مع الأجهزة الآلية لتظهر لدينا الطاقات الخارقة التي قد تمكننا من بناء جهاز ضخم بحجم خليه من خلايا جسم الإنسان، أو الحصول على مواد ذات خواص لا يمكن الحصول عليها عن طريق الكيمياء التقليدية. كما أنه يجب علينا توقع جهاز الحاسب الآلي المتناهي الصغر الذي يتفوق على مثيلاته اليوم بملايين المرات. وكذلك من خلال الأبحاث التي تجرى اليوم قد تظهر تقنية تؤدي إلى تغير في حياتنا بالكلية. فمثلاً قبل 50 عام فقط لم يكن بالإمكان وضع آلة حاسبة في الجيب. والآن ترون ماذا حدث! إن ما كان يبدو في ذلك الزمن طموحاً مستحيلاً أو حتى شاذاً، أصبح في الوقت الراهن حقيقة يستمتع بها الجميع. و هنا نحاول النظر إلى أهمية الإحصاء والبحث العلمي و دورهما في حياتنا المستقبلية، و بحث دور الإحصائي في ذلك! إنني لن أخوض الآن في كيفية القيام بذلك، وإنما فقط في ما هو ممكن من حيث المبدأ.



ما هو الإحصاء؟

الإحصاء في اللغة العربية يدل على العد أو الحساب قال تعالى (وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَابًا)، (النبأ، 49). يقول تعالى ذكره: وكلّ شيء أحصيناه فكتبناه كتابا، كتبنا عدده ومبلغه وقدره، فلا يعزُب عنا علم شيء منه. ‏و عن ‏‏أبي هريرة ‏رضي الله عنه ‏قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ‏‏أحصوا هلال شعبان لرمضان.( سنن الترمذي، 623). قال الطيبي: الإحصاء المبالغة في العد بأنواع الجهد، ولذلك كني به عن الطاقة في قوله عليه الصلاة والسلام "استقيموا ولن تحصوا " انتهى. وقال ابن حجر: أي اجتهدوا في إحصائه وضبطه. أما في الاصطلاح فقد مررت على الكثير من تعار يف علم الإحصاء في كتب الرواد لهذا العلم والذي خلصت إليه أن الإحصائيين غير متفقين على تعريف محدد لعلم الإحصاء، لكنهم جميعاً أوردوا كلمة أساسية في التعريف وهي (البيانات). و تختلف الرؤية بعد ذلك حول عدة محاور مثل استدلال، تلخيص، معاينة، اتخاذ القرار... الخ. ومن التعريفات الجيدة لعلم الإحصاء:

· Statistics is the science that deals with the collection, classification, analysis, and interpretation of information or data (The Random House College Dictionary).



· Statistics is the science, pure and applied, of creating, developing, and applying techniques such that the uncertainty of inductive inferences may be evaluated (Steel, R. 1960).



· Statistics is a field that combines quantitative and communications skills to solve challenging problems in many disciplines such as finance, marketing, and manufacturing; law; and the sciences; including the social sciences, public health, medicine, computing, and other sciences (American Statistical Association, 1993).



· Statistics is the science of collecting, describing, and interpreting data (Johnson, R. 2000).



· Statistics is the science of learning from data (Ott, R. 2001).



· Statistics is to increase our understanding, to promote human welfare, and to improve our quality of life and well-being by advancing the discovery and effective use of knowledge form data (Straf, M. 2003).



§ الإحصاء هو علم جمع البيانات وتصنيفها وعرضها بيانياً بغرض تلخيصها وتحليلها ثم استخدامها. هو أسلوب معالجة البيانات والاستفادة منها. (معجم الإحصاء).



وبسب تفرع علم الإحصاء وكثرة تطبيقاته فإن الحاجة إلى تعريف جديد لعلم الإحصاء أصبحت ضرورة لكي يكون شاملاً كل الجوانب المستحدثة. ومن هنا يمكن القول إن الإحصاء هو العلم الذي يرسخ لدينا المفاهيم لعيش حياة أفضل، ويطور وسائل استخدام المعلومات والاكتشافات الجديدة من خلال أساليب جمع وتحليل البيانات. نعم هذا التعريف لم يعرض أساليب جمع البيانات ولا الطرق الإحصائية. لكنه صور الإحصاء على أنه فكر يبحث في البيانات من كل جوانبها. كما أنه أضاف إضافة متميزة في جعل الإحصاء له دور إنساني في عيش حياة أفضل لجميع أفراد المجتمع.

وهذا يقودني إلى دور الإحصائي في هذا كله، إن الإحصائي أولاً وأخيراً هو بشر يؤثر ويتأثر بما حوله، ولكي يكون تأثيره ذا معنى يجب أن نجعل من أنفسنا أساساً لجودة علمية لا تقبل المقايضة. و يتحقق هذا من خلال عدة أمور أهمها: الصدق، النقد البناء، العمل كفريق، الأمانة، تبادل المعلومات، العدالة في تقييم الآخرين، و التخطيط السليم. كما أنه لابد لنا أن نفهم الحقائق الأساسية لهذا العلم ثم نطلق العنان بعدها للفكر. ومن كل هذا يمكن القول أن الإحصائي ليس مجرد آلة تتعامل مع الأرقام، ولكن الإحصائي هو ذلك الشخص الذي يملك الفكر والمنطق والمهارة في استنتاج المعلومات و وصفها واستدلال النتائج الموثوقة من البيانات.



دور الإحصائي:

وقد يتساءل أحدهم ما الدور الذي قد يلعبه الإحصائي وأين تكمن أهميته؟ و ما دور بقية العلماء إذاً؟ يلعب الإحصاء وعلماؤه دوراً هاماً في تطور التقنية وتنمية الموارد البشرية ولكن هذا يتطلب منا القيام بأعمال عديدة أهمها تغيير الجمود الفكري في طرق التدريس الحالية و تغيير البحث من أجل الترقية فقط.

نعم، كل نوع من أنواع العلوم يلعب دوراً في تطور التقنية التي نستخدمها. لكن الإحصاء له أهمية خاصة، ليس لأنه يخدم كل العلوم فقط لكن لأنه يلعب دوراً محوريا في دقة ومصداقية البحث العلمي. و يصيغ علماؤه قوانين لبعض جوانب الحياة المهمة للإجابة عن مثل الأسئلة التالية:

1. كيف يمكن معرفة وقياس حاجة المجتمع إلى نوع معين من التقنية؟

2. ما الطرق الواجب أتباعها في المصانع للوصول إلى جودة عالية باستخدام التقنية الحديثة؟

3. كيف يمكن معرفة القيم التنبئية للنمو الاقتصادي في ظل العولمة وتطور التقنية؟

4. ما علاقة تطور التقنية بالكثير من المشاكل الاجتماعية كالبطالة والوحدة والطلاق، وغيرها كثير؟

5. كيف يمكن تصميم تجربة للإسهام في تطوير فعالية دواء معين؟



و لهذا فالإحصائي يجب أن يكون باحثاً أساسياً في أي فريق عمل يُشكل للإجابة عن مثل هذه الأسئلة. كما يجب عليه أن ينخرط في معظم مجالات الأبحاث من التطبيقات الطبية وحتى حماية الحياة الفطرية.

إنني أعتقد جازماً أنه ليس هناك تخصصاً يمكنه القيام بدور ريادي في خدمة المجتمع ومواجهة التطورات الكبيرة في مجال التقنية ونقل المجتمع إلى حياة أفضل خلال القرن الحادي والعشرين مثل التخصص في علم الإحصاء. و أعلم علم اليقين أن هذا أمراً ليس مستحيلاً، لكنه ليس سهل التنفيذ كذلك.



الخيارات المتاحة:

إن تطور التقنية وتداخلها في كثير من العلوم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية لن يترك لنا خياراً إلا أن نواكب ذلك التطور! إذا ليس هناك خيار آخر والتغير أصبح أمراً حتمياً. و الدليل على ذلك افتراض أننا لم نغير شيئاً من أساليب حياتنا و طرق تدريسنا وأبحاثنا مع ملاحظة أن العلوم الأخرى في تطور و تغير مستمر، ثم تخيل ماذا يحدث لنا بعد ثلاثين عاماً؟

لقد أصبح العالم كله عبارة عن قرية صغيرة بل إنه أصبح عالم بلا حواجز، فالحدود الجغرافية لم يعد لها أثر على الاقتصاد ولا على التعليم الذي سوف نرى فيه تحولات كبيرة في عصر الجيل الثالث من عالم الانترنت. فهناك الكثير من جامعات الغرب اعتمدت ما يسمى التعليم عن بعد، وكثير من المواد الإحصائية أصبحت مرتبطة ارتباطا مباشرا بنوع محدد من البرامج، بل ربما أن البرنامج أصبح أهم عنصر في مفردات المادة، ونحن لا نملك مع الأسف منها شيئاً. فإذا لاحظنا أن الطالب بعد تخرجه سوف يمنح الوظيفة اعتمادا على مدى إجادته لأحد هذه البرامج التطبيقية فإنه لا يليق بنا الاستمرار في نفس النهج التعليمي القائم بل يجب تغييره بما يضمن لنا دوراً أساسياً في خدمة المجتمع، و يحقق لطلابنا وظائف مرموقة.

إن الملاحظ أن الطلاب الموهوبين في تخصص الإحصاء قليلون جداً، حيث اجتذب تخصص الحاسبات في كلية العلوم أغلب طلابها. وكذلك من الملاحظ أن كثيراً من الأقسام بدأ في تدريس الإحصاء داخليا وبما يلائم متطلبات القسم. وإذا بقي الحال على ما هو عليه فلا نستغرب تحلل قسم الإحصاء وتوزع أعضاء هيئة التدريس فيه على أقسام أخرى داخل الجامعة. و إذا لم نواكب التغيرات التي تحدث، فإن تطور التقنية سوف يفرض علينا تغيرات قد لا تحمد عقباها. ... إذاً نتغير! ... ولكن كيف؟ ... سؤال مازال ينتظر إجابة.



الإحصاء كعلم يخدم غيره من العلوم:

لقد قال (Michad Healy) عام 1978م يمكن اعتبار أن الإحصاء نوع من أنواع التقنية وليس علماً. وهناك الكثير يرون ذلك. لأن الإحصاء أداة أساسية في العلوم والأبحاث، وهناك الكثير من الطرق الإحصائية يعود الفضل في اكتشافها وتطويرها لغير الإحصائيين. على سبيل المثال في عام 2001 م نشر عالمان من علماء الفلك تأكيدات حول فرضية الانفجار العظيم (Big Bang) حول بداية الخلق (Miller and Nicol, 2001). و بدون الدخول في التفاصيل إلا أن عملهم هذا وضع فيزياء الكون في بدايته. وهذا الاكتشاف كان باستخدام طريقة إحصائية جديدة تدعى (false-discovery rate)، هذه الطريقة تم تطويرها بالتعاون مع علماء من الحاسب والإحصاء والفلك. لاحظ أن هذا تم ونُشر في مجلة العلوم (Science ) - التي تعد من أهم المجلات العلمية في العالم - بينما مازال غيرهم يبحثون في حجم البيانات التي قد تكون مناسبة للتحليل. ومثال آخر هو أن الإحصائيين يطورون كثيراً من الطرق الإحصائية في وقتنا الراهن لاستخدامها في تحليل الجينات. و هذا يدل على أن التطور في أحد العلوم قد يتأثر بتأخر علم أخر ولكنه لن يتوقف. حتى و إن كان ذلك العلم بأهمية الإحصاء الذي يخدم فعلا كل العلوم.



الإحصاء في الجامعة ( الإحصاء الأكاديمي):

تطور استخدام الطرق الإحصائية في العلوم الأخرى له تأثير كبير على علم الإحصاء. مما يحتم علينا مواكبة ذلك التطور في التدريس والبحث والتأليف. في كثير من الأحيان الإحصائي يعمل كمترجم لغات، فهو يبني جسوراً بين أنواع العلوم لكي تكون هناك مفاهيم واضحة للجميع. ولكي يستمر هذا الدور لابد للإحصائي أن يكون شريكاً حقيقياً للمهندس والطبيب والباحث وغيرهم. وهذا لن يتم إلا من خلال الاعتراف بالأبحاث المشتركة بين العلوم وتشجيعها. إن أغلب الإضافات المتميزة لعلم الإحصاء في العقد الأخير كانت بالاشتراك مع علماء و باحثين من تخصصات أخرى.



كما أن المادة العلمية من كتب ومجلات ومراجع أصبحت على بعد ضغطة زر واحد من الأستاذ أو الباحث بوجودها على الانترنت، مما يوفر الكثير من الجهد والوقت. بل إن كثيراً من الجمعيات الإحصائية الأمريكية أصبحت اليوم تعقد مؤتمراتها على الانترنت. فلم يعد هناك حاجة إلى السفر. كما أنها تبث الكثير من المحاضرات والندوات عن التطورات الجديدة في العلم وتقدم دورات من خلال مواقعها على الشبكة العالمية.



أما أهم عنصر في هذا كله فهو الطالب. وتشتكي أقسام الإحصاء من تدني مستوى الطلاب الذين هم أساس التطور التعليمي. إن الطلاب الذين يقبلون على التخصص في الإحصاء قلة ومعدلاتهم متدنية، و مجالاتهم الوظيفية منعدمة حسب قوائم مكاتب العمل والعمال و وزارة الخدمة المدنية. وبالتأكيد هذا الواقع مغلوط وهناك مسميات أخرى للوظائف التي يمكن أن يشغلها الإحصائي مثل محلل بيانات، مطور نظم، ... الخ من الوظائف التي يشغلها غير الإحصائيين. ومع ذلك لابد من تطوير القسم لكي يكون للخريج مهارة ذات قيمة في سوق العمل تجعل الطلب عليه عالياً. و بعدها نستطيع أن نستقطب الطلاب ذوي المهارات الخاصة في الرياضيات والحاسب والاتصال من كل التخصصات الأخرى. كذلك يقع جزء كبير من المسئولية على الذين يدرسون المواد الأولية كـمقدمة في الطرق الإحصائية و مبادئ الاحتمالات، فلا بد من معاملة ورعاية الطلاب في هذه المواد بشكل خاص يدعوهم إلى تقدير هذه المواد كعلم ويرغبهم في تعلمها وليس فقط في إنهاء دراستها كمتطلب كلية أو قسم. كما يجب على القسم ربط مناهج المواد بكتب عالمية تكون مصدرا للمعرفة، فتوسع مدارك الطالب وتغطي جوانب متعددة في التطبيقات، وتحديد خطة منهجية لكل مادة تشمل منهجاً متكاملاً يغطى في خمسة عشر أسبوعاً.

أما برامج الدراسات العليا مثل برنامج الدكتوراه، أو برنامج الماجستير لم يبلغا سن الفطام بعد، وعدد خريجيهما لم يتجاوزوا عدد أصابع اليدين في الخمس سنوات الأخيرة. كما أن بعض أعضاء هيئة التدريس لا يرغبون في تدريس طلاب الدراسات العليا والإشراف عليهم نظراً للعبء الدراسي الكبير وكثرة الانشغال بالعديد من المهام و الأعمال الإدارية. فكيف يقوم برنامج بدون طلاب متفرغين ومجدين وأساتذة يبذلون من وقتهم في التعليم والبحث الشيء الكثير؟ وهنا يجب أعادة النظر في الأهداف من هذه البرامج، و صياغتها بما يلائم الأهداف المرجوة حسب الإمكانيات المتاحة. ولابد من وضع آلية لاستخدام وتطوير البرامج الإحصائية، و معاملتها كتطبيقات ذات أهمية بالغة في التدريس.

كذلك هناك هذه الأيام انتشار واسع لظاهرة كليات المجتمع وبرامج الدبلومات فيجب علينا أن نضمن أن هناك مواد وبرامج إحصائية تدرس في هذه الكليات بحيث يحصل أولئك الطلاب على مستوى تعليمي جيد في الإحصاء. ويكون من الأفضل لو استطعنا إيجاد برنامج دبلوم في تحليل البيانات أو طرق استطلاع الرأي أو استخدام أحد البرامج الشهيرة (SAS) مثلا، يقبل عليها الطلاب بسبب حاجة سوق العمل لها وليس العكس. كذلك يجب أن لا ننسى طلاب التعليم الأساسي ((K-12 وتعليمهم المفاهيم الإحصائية إلى جانب الرياضيات. ومن الضروري أن يعرف طالب المرحلة المتوسطة ماذا يعني تشتت البيانات، ويطالب طالب المرحلة الثانوية بتحليل بعض البيانات البسيطة واستخلاص بعض النتائج منها. وهذا الأمر ضروري لكي يحصل أبناؤنا على تعليم يعادل تعليم بقية الطلاب في دول العالم وأن لا يكونوا في ذيل القائمة. ومن المهم معرفة كيف يمكن إثارة اهتمام الطلاب بهذا العلم؟ إن ربط بعض جوانب علم الإحصاء بمهنة معينة، أو تقنية حديثة قد تثير شغف الطلاب مما يدفعهم إلى الاهتمام بعلم الإحصاء.



الجيل الجديد من الطرق الإحصائية:

لاحظ إن الكم الهائل من الطرق الإحصائية التي طورت في القرن الماضي سوف تكون عديمة الجدوى في هذا القرن إن لم يتم تطويرها بما يلائم البحث العلمي في هذا العصر، ولن يحدث هذا إلا إذا غُيرت وطُورت المناهج و دُرب أساتذة الإحصاء ومن يقومون بتدريسه في التعليم الجامعي و الأساسي وجعل التفاعل مع بقية العلوم عنصراً أساسيا في عملية التطوير. تأكد أنه إذا لم يتم مثل هذا التغير بما يلائم تطور بقية العلوم الأخرى فلن يكون للقسم أهمية، وسوف يفقد طلابه، ويتبنى كل قسم من الأقسام الأخرى بالجامعة ما يهمه من علم الإحصاء كتقنية. ولا أستبعد أن يُقفل قسم الإحصاء أبوابه قريبا. و ذلك ليس سببا في تقلص العلم، بل على العكس فالعلم يتطور ويتوسع ولكن السبب الرئيس هو دورنا في التقوقع وعدم التطور بما يلائم متطلبات العصر.

لكي يكون هناك جيل جديد من الطرق الإحصائية لا بد أن يكون هناك أبحاث جديدة. و لكي يكون هناك أبحاث جديدة يجب أن يكون هناك عقول جديدة وتمويل جيد. ولذلك يجب الاستحواذ بمهارة على اهتمام الذين يمولون البحث العلمي. لقد قال (مور) - مسئول سابق في البيت الأبيض في عهد الرئيس كلينتون- (يتعين عليك أن تأتي بأشياء جديدة ومثيرة ومتقدمة كي تستطيع أن تقنع جهاز الموازنة وواضعي السياسات بمنحك المزيد من المال). و من الملاحظ إن بحوث الطب الحيوي وبحوث الدفاع تحظى بالأسبقية في العالم، ولذلك يجب الدخول في تلك المجالات وبقوة. كما أن الإنفاق على تقنية النانو في الولايات المتحدة فقط بلغ 422 مليون دولار عام 2001م ومن المرجح أن يزيد الإنفاق بمعدل 30% سنويا. وهنا تتبين أهمية الاكتشافات الجديدة. و يمكن القول أن الطرق الإحصائية الجديدة سوف تظهر في:

1. الإحصاء في القطاع الخاص: فمثلاً برنامج مراقبة الجودة Six Sigma)) يعتبر مثال على الوعي بأهمية الإحصاء لدى القياديين في الشركات الصناعية الكبرى في الغرب. وقد قام المدير التنفيذي لشركه جنرال الكترك (Jack Welch) باستقطاب متخصصين في هذا البرنامج وأعطى كل القياديين وأغلب الموظفين دورات فيه. وهذا مثال على أهمية هذه البرامج في المجالات التطبيقية. والآن وبعد اتجاه الدولة إلى الخصخصة لا يجب إغفال دور القطاع الخاص في الأبحاث العلمية. ولابد لنا من دراسة احتياجاتهم ومحاولات تطوير البرامج بما يتوافق مع هذه الاحتياجات وهذا يدعونا إلى أن يكون لدينا متخصصون في المجالات الصناعية والمالية والطبية... الخ.

2. الإحصاء في الحكومات: إن تطور العلم سوف يكون له تأثير على الحكومات وتطورها. ويجب هنا أن نركز على خصائص مجتمعاتنا في الدراسات الحكومية مثل: دراسة الفقر والبطالة والعنوسة... الخ. ولا يجب استخدام ما توصل إليه الغرب لأن هذا يخص مجتمعاتهم فقط. و هذا لا يعني عدم الاستعانة بما سبقونا إليه و لكن يجب ملاحظة خصوصية مجتمعاتنا في الكثير من الظواهر التي كلما خضنا غمارها اكتشفنا صعوبات متنوعة كثيرة، تختلف عن الصعوبات التي يواجهها الغرب. لذا لا بد لنا من فهمها قبل أن يغدو البحث العلمي فيها ممكنا. ولابد كذلك للحكومات أن تتيح لنا الحصول على البيانات وتتوقف عن كلمة (سري)، نعم هناك بيانات سرية ولكن ليست كلها. وكذلك يجب أن يكون لدى حكوماتنا مقاييس إحصائية تبين مدى تطور وتقهقر المجتمع في كل المجالات بداية من الأمية والفقر ومروراً بالطلاق والجريمة والبطالة و العنوسة ومعدلات المواليد والوفيات والأوبئة و الكوارث والحروب والخطط المستقبلية وغيرها. و هنا يجب اشتراك علماء وباحثون من أغلب التخصصات في مجموعة من الأهداف لتحقيق أحلام مشتركة لمجتمعاتنا.



الريادة في البحث العلمي:

من المؤكد أنه لا يمكن أن تكون هناك ريادة في البحث العلمي بدون علم الإحصاء. و بسبب تقاعس الكثير من الإحصائيين عن الدور المنوط بهم تجاه ذلك، استقلت كثير من العلوم التي كانت تتبع الإحصاء و أضحت علوما مستقلة بذاتها مثل (Data mining, machine learning, quality improvement, and neural network). إن أصحاب هذه العلوم لا يهتمون بالقيود التي نضعها نحن على الطرق الإحصائية. فهم يبحثون عن نظرة أوسع وطرق جديدة في مجالات أبحاثهم. ولكي لا نفقد نحن الريادة و نكون مرجعية علمية للعلوم الأخرى يتحتم علينا الاتصال بهذه العلوم، و أن نكون أكثر تطورا منهم.

الجميع من كل الأجيال والأعمار يبحثون عن غد مشرق ومستقبل أفضل. و لكي يكون هذا غدا، لا بد من القيام بالمهمة الملاقاة على عواتقنا اليوم. و خصوصا تجاه الشباب الذين سوف تقع عليهم مسؤولية مواجهة التحدي غدا. فإذا أضعناهم فلا نلوم إلا أنفسنا. و تذكروا أننا دوما بحاجة إحصائي يحلل البيانات لخدمة العلوم، وتطور التقنية، و مساعدة المجتمع على حل مشاكله.



أسئلة تنتظر إجابة:

هناك العديد من الأسئلة التي تنتظر إجابة وخصوصاً في المجالات الدقيقة. و يمكن حصرها في أسئلة عامة كما يلي:

1. ما السبل التي سيسلكها البحث العلمي في السنوات القادمة؟

2. إلى أي عالم من العلم تقودنا الاتجاهات الحالية للبحت العلمي؟

3. ما الاكتشافات المستقبلية التي سوف يُفتتن بها البحث العلمي؟

4. ما الذي قد يحدث بعد ظهور تقنية ما، مثل: تقنية النانو أو إبطاء سرعة الضوء إلى الصفر؟

5. ما دور الإحصائي في هذا كله؟



إن هذا المقال كما رأيتَ قد يكون غنيا بالرؤى وفقيرا بالتفاصيل. و لكن بقي أمر مهم يجب التنويه إليه و هو الفرق بين ما يجب أن تقوم عليه أهداف البحث العلمي و أهداف البحث العلمي في بلاد الغرب. إن العالم والباحث المسلم ليس كغيره بما يعلمه من حقائق و مسلمات لا يدركها غيره. و أشير هنا إلى أهم أهداف البحث العلمي لدى الغرب:

1. معرفة أصل الحياة. وهذا هدف قديم أجاب عليه القرآن حيث قال تعالى: ( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلا قَلِيلا)، (الإسراء، 85) .

2. الوصول إلى حياة أبدية. وقد قال تعالى: (وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ)، (البقرة، 96).

3. علم الغيب. قال تعالى: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ)، (آل عمران، 179).

4. العلو والإفساد في الأرض واستعباد الشعوب. قال تعالى: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الأرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ)، (البقرة، 11-12). و قال سبحانه: ( ... قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ )، (الأعراف، 127).



إن هذه الأهداف قد تقود إلى تقدم كبير في مجالات البحث العلمي و لكن لا تعدو أن تكون أهدافا عبثية. أما البحث العلمي في بلادنا فيجب أن يحمل أهدافا أخرى تجعل الإيمان و العلم والعمل تخدم الحياة بسبل أفضل. وقد يكون من أهم هذه الأهداف ما يلي:

1. عبادة الله سبحانه وتعالى، و التفكّر في مخلوقاته. قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ)، ( آل عمران، 51). وقال سبحانه: (قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلا مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلا تَتَفَكَّرُونَ)، (الأنعام، 50). و قال سبحانه: (إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ * وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ * وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ)، (النمل، 91-93).

2. عمارة الأرض. قال تعالى: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ)، (البقرة، 30).

3. نشر الدين الحق من خلال هذه العلوم. قال تعالى: (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)، (آل عمران، 104).

4. الإصلاح و الازدهار، وتحقيق الأمن والسلام، و القضاء على الفقر، و علاج يكون وسيلة للشفا الأمراض. قال تعالى: (قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلا الإصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ )، ( هود، 88). و قال سبحانه: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)، (المائدة، 2).



نحن لا نريد باحثاً يقف مكتوف الأيدي من هذه التطورات العلمية أو ناقلاً و مستهلكاً لها فقط. إن الباحث الذي نريده، هو الرائد في هذه الاكتشافات والمطور لها. والذي يسعى جاهدا لتحقيق الأهداف السابق ذكرها. فقط عندما نستطيع أن نصل بالبحث العلمي إلى مستوى الأهداف السابقة يمكننا القول إننا نعيش حياة أفضل. و حتى ذلكم الحين، أقول ما قاله موسى لقومه: ( قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الأرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ). ( الأعراف، 128).



المراجع:



القرآن الكريم.
تفسير الطبري.
سنن الترمذي.
الصديقي، عبداللطيف وآخرون. "معجم الإحصاء"، دار الراتب الجامعية، بيروت، لبنان.
References:

[1] American Statistical Association: www.amstat.org.

[2] Bartholomew, D. J. (1995), "What is Statistics?", Journal of the Royal Statistical Society, Ser. A, 158, part 1, 1-20.

[3] Drexler, K. E., (1990), "Engines of Creation: The Coming Era of Nanotechnology".

[4] Miller, C. J., Genovese, C., Nichol, R. C., Wasserman, L., Connolly, A., Reichart, Hopkins, A., Schneider, J., and Moore, A. (2001), "Controlling the False-Discovery Rate in Astrophysical Data Analysis," The Astronomical Journal, 122, 3492-3505.

[5] Sen, P. K. (2002), "Shifting Goals and Mounting Challenges for Statistical Methodology," Journal of Modern Applied Statistical Methods, 1, 2-12.

[6] Straf, M. L., (2003), "Statistics: The Next Generation", Journal of the American Statistical Association, 98, 1-6.

هناك تعليق واحد:

  1. أود أن أعرب عن امتناني للسيد بنيامين لي على كل ما قدمه من مساعدة في تأمين قرضنا لمنزلنا الجديد هنا في Fruitland. لقد كنت منظمًا وشاملًا ومحترفًا ، فضلاً عن كونك لطيفًا مما أحدث كل الفرق في تفاعلاتنا معك. نضع ثقتنا فيك وأنت بالتأكيد جئت من أجلنا. نشكرك على سعة صدرك وكذلك معاملتنا كأشخاص وليس مجرد عملاء لقرض سكني. أنت تقف فوق البقية ، أود أن أوصي أي شخص هنا يبحث عن قرض أو مستثمرين بالاتصال بالسيد بنجامين لي وموظفيه لأنهم أناس طيبون ذو قلب لطيف ، السيد بنيامين لي ، اتصل بالبريد الإلكتروني: 247officedept@gmail.com



    مع تحياتي،
    جون بيرلي! قبعاتنا لك !! "

    ردحذف